المواطن، وبالأهداف التي يطلبها المواطن، حتّى لو كان ذلك بسبب وجود أكثرية معارضة، فإنّ من حقّ المواطن أن يسحب رضاه، بمقتضى الشرط والتحديد الذي أعلنه أول الأمر. فما الذي تعتمده الديمقراطية لمواجهة هذه الحالة إلاّ أن تلجأ إلى القوّة، وتسقط رضا الأقليّة المعارضة من الحساب، وتقتصر على رضا الأكثرية ! قد تكون الضرورة تقتضي مثل هذا التصرّف في اعتماد رضا الأكثرية، وإرغام الأقلّية غير الراضية على الطاعة، وإسقاط رضاها من الحساب. ولكن هذه الضرورة التي نعترف بها ولا ننفيها تؤدّي إلى نسف كامل لنظرية «العقد الاجتماعي» التي تقوم عليها الديمقراطية الحديثة، ولا تبقى النظرية بعد ذلك صالحة لتوجيه شرعية الدولة. ثم ما الذي يضمن مشاركة كلّ المواطنين في هذا العقد، والدخول في الانتخابات ؟ وإذا امتنع ثلّة من المواطنين عن الدخول في العقد والمشاركة في الانتخابات، فما الذي يلزم هؤلاء بالموافقة على العقد والدخول في الانتخابات ؟ وهل من سبيل لإلزامهم بالدخول في الانتخابات ؟ وفي حالة عدم المشاركة، والامتناع عن الدخول في الانتخابات، هل هناك من سبيل في إلزامهم بطاعة الدولة التي لم يشاركوا في تكوينها، ولم يعلنوا رضاهم عنها ؟ وهذا بالتأكيد أمر محقّق في كلّ مجتمع، فليس كلّ الناس يعطون رضاهم بشكل غير مشروط للدولة، وليس كلّ الناس يرضون بالدخول في العقد الاجتماعي والانتخابات التي يعلمون نتائجها سلفاً، في الانحياز للأكثرية، وليست هذه الافتراضات ضرباً من الخيال الذي لا واقع له. ومع ذلك فهناك حقيقة أُخرى لا يمكن إنكارها أيضاً في ظلّ أيّ نظام، وهو