أساس ولاية الإنسان على نفسه، ولا يعطي الإنسان لله تعالى في الميثاق شيئاً يملكه هو من الولاية على نفسه، وإنّما يُقرّ لله تعالى بالربوبية، وهذا الإقرار الحاصل بالفطرة والعقل يلزمه بالطاعة والانقياد، وتسليم الأمر كلّه لله تعالى. فهناك إقرار على الصعيد النظري يتمّ بالفطرة والعقل، لا يسع الإنسان التنكّر له. وهذا الإقرار النظري يستتبع موقفاً عملياً بالطاعة والتسليم لله تعالى، ولمن يأمر الله تعالى بطاعته، ولا سبيل للإنسان في التخلّص من هذا أو ذاك. وهذا شيء آخر يختلف اختلافاً كاملاً عن ولاية الإنسان على نفسه، والذي تطرحه النظرية الديمقراطية. ملاحظات ومؤاخذات على نظرية العقد الإجتماعي والنقد الثاني لنظرية «العقد الإجتماعي» ينصبّ في مسألة رضا وموافقة المواطنين بقيام الدولة وأعمالها، والذي ترتكز عليها نظرية «العقد» في شرعية الدولة. فهل يمكن أن تكون هذه الموافقة والرضا شاملة لكلّ المواطنين في قيام الدولة ؟ وهل هناك دولة ونظام يستطيع أن يكتسب رضا جميع المواطنين ؟ قد نقول في الإجابة على السؤال: إنّ مشاركة المواطن في الانتخابات تعني موافقته على رأي الأكثرية، وقبوله لنتائج الانتخابات التي يراها أكثرية المواطنين، ولكن ما الذي يلزم المواطنين إلى إعطاء رضا غير مشروط وغير قابل للاسترداد للدولة ؟ فما دامت شرعية الدولة قائمة على رضا المواطنين ومقدار رضاهم، فإنّ من حقّ المواطن أن يعطي رضا مشروطاً بقيام الدولة بالصورة التي يريدها، ومشروطاً بالتزام الدولة بالأهداف والأغراض التي يطلبها المواطن، وليس من حقّ أحد أن يسلب هذا الحقّ من المواطن، وفي حالة عدم قيام الدولة بالصورة التي يريدها