المسلمين ليس بمعنى أن يختار المسلمون من يريدون للإمامة. وآية ذلك أنّ أحداً من الفقهاء لا يشكّ في أنّ عموم هذا الحكم على المسلمين ليس بمعنى تجاوز الشروط التي عيّنها الشارع للإمامة. كذلك وبنفس الملاك، ليس معنى وجوب نصب الإمام على المسلمين بالبيعة تخويل المسلمين الحقّ من جانب الله تعالى في أن يمنحوا من يشاؤون من الناس الولاية والحاكمية على أنفسهم، دون أن يأذن الله تعالى لهم بذلك[339]. فإنّ الولاية لله تعالى وحده، وهو مصدر الولاية، ولا تجوز الولاية لأحد إلاّ بإذن الله تعالى، وقد سألها إبراهيم (عليه السلام) لذرّيته من بعده، فقال له تعالى: (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)، ولا يجوز لأحد أن ينصب أحداً للإمامة من دون إذن الله تعالى. فإذا تقرّر الإذن من جانب الله تعالى على نحو الخصوص أو العموم، فعند ذلك يجب تمكين من إذن الله تعالى بإمامته ومبايعته على الطاعة. وأدلّة وجوب نصب البيعة الثابتة شرعاً لا تتضمّن أكثر من ذلك. لا يعيّن العام مصاديقه وهناك منشأ آخر للاشتباه في هذه المسألة، فقد يتمسّك بعض الفقهاء بقوله تعالى: (وأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) لمنح الحاكم الذي يختاره المسلمون للحكم فيما بينهم صفة الولاية الشرعية، دون أن يرد بذلك إذن عامّ أو خاصّ من جانب الله، باعتبار أنّ الأمر بطاعة أُولي الأمر على نحو العموم يتضمّن