مناقشة مبدأ الاختيار وفيما يلي نناقش هذين الدليلين باختصار، ونحيل القارئ إلى كتاب لنا في هذا الباب، بعنوان: «المدخل إلى دراسة نصّ الغدير». الحكم لا يشخّص موضوعه قد يكون منشأ اللبس هو التداخل بين الحكم والموضوع في مسألة وجوب مبايعة الإمام بالطاعة. والحكم هو «وجوب البيعة»، والموضوع: تحديد الفرد المؤهّل للإمامة، الصالح للبيعة. ولمّا كان أمر البيعة إلى الناس، فقد يتبادر إلى الذهن بأنّ أمر تحديد الموضوع «الفرد الصالح للإمامة» أيضاً إلى الناس. وبين «الحكم» و «الموضوع» فرق واضح، فقد فرض الله تعالى على الناس بيعة الإمام بالطاعة، وتمكين الإمام من الحكم، وأمّا تحديد الموضوع وتشخيصه فأمره إلى الله تعالى وحده. ولا يخفى هذا الالتباس على من تتبّع كلمات الفقهاء في الأحكام السلطانية، فإنّهم عند استعراض هذه المسألة يقتصرون على البحث الفقهي عن وجوب بيعة الإمام، ويذكرون له أدلّة قوية ومتينة، وهو حقّ وصحيح، ولكنّ ذلك لا يثبت للناس حقّ اختيار الإمام، وإيجاب النصب بالبيعة ليس بمعنى التخويل والتفويض في اختيار الإمام. وهو اجتهاد كما ترى ضعيف، لا يخفى ما يرد عليه من نقد ومؤاخذة واضحة. فإنّ مقتضى الأدلّة الدالّة على وجوب بيعة الإمام: من الإجماع، ومن حكم العقل بضرورة إقامة الدولة الإسلامية، هو تمكين من اختاره الله تعالى للإمامة من الحكم والسيادة والإمامة في المجتمع. ومن الواضح أنّ وجوب نصب الإمام على