إثبات الولاية لمن ورد ذكرهم في كلمات الفقهاء ; كالماوردي وأبي يعلى في كتابيهما الأحكام السلطانية، فلا نجد نصّاً صريحاً أو قريباً من الصراحة من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الإذن بإمامة من بايعه خمسة أو ثلاثة أو واحد من المسلمين، أو تغلّب على الأمر بالقهر والقوّة والمكر من الناحية الشرعية، ولا تصحّ نسبة ذلك إلى دين الله تعالى (قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ)[338]. والخلاصة، في هذه النظرية: تخويل الناس حقّ اختيار الإمام، واعتبار «اختيار الناس» كافياً في مشروعيّة الولاية للحاكم المنتخب من قبل الناس، وبتعبير آخر: اعتبار انتخاب المسلمين مصدراً للولاية والحاكمية. وبين هذه النظرية والديمقراطية صلة لا تخفى، وهي نظرية معروفة واسعة الانتشار، يتبنّاها ويدافع عنها جمع من الفقهاء والمتكلّمين الإسلاميّين المعروفين. أدلّة القول بالاختيار ورغم أنّ هذا الرأي هو أكثر الآراء شيوعاً بين الإسلاميّين، إلاّ أنّنا لم نجد دراسةً واضحةً لها من قبل المتكلّمين الإسلاميّين لنعرف مصدر شرعية الاختيار في هذا الرأي. وأكثر ما قرأناه في هذا الباب هو الاستدلال بعموم قوله تعالى: (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ). فمن تولّى أُمور المسلمين، وبسط نفوذه وسلطانه عليهم، تجب طاعته بحكم (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ). ووجوب الطاعة في الآية الكريمة بمعنى شرعية الولاية. والاستدلال الآخر هو التمسّك بأدلّة وجوب البيعة، بمعنى شرعية الاختيار.