(إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)[328]. وآيات كثيرة أُخرى بهذا المضمون في كتاب الله تقرّر أنّ الحكم والأمر والنهي والتكليف والدين والتشريع لله تعالى في حياة الإنسان، على نحو الحصر. ومبدأ التفويض يتقاطع مع مبدأ انحصار الولاية والحاكمية في حياة الإنسان لله تعالى، ويحصر القرآن الولاية والحاكمية في الله تعالى بشكل مطلق: (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء)[329]. (أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ)[330]. إنّ الولاية، والحاكمية، والسيادة، والتشريع، والتكليف، والحكم في هذه النصوص من اختصاص الله تعالى فقط. وأين هذا من مبدأ التفويض الذي يذهب إلى أنّ الله تعالى قد فوّض عباده اختياراته وحقوقه في شؤون الولاية والحاكمية والسيادة ؟ فأين يقع مبدأ التفويض من مبدأ حصر الولاية والحاكمية والسيادة في حياة الإنسان لله تعالى ؟ وقد أستعر ضتَ الأدلّة على التفويض ـ صغرى وكبرى ـ في الدراسة المتقدّمة، فلم أجد في هذه الأدلّة ما يصلح أن يكون أساساً لمبدأ عريض وهام وخطير في الإسلام، مثل مبدأ الاختيار، وعليه فليس أمامنا إلاّ الخيار الثالث، وهو خيار النصّ والنصب من جانب الله تعالى. وقد استعرضنا طرفاً من النصوص في كتاب الله على النصب والجعل من جانب الله، واصطفاء الله تعالى لمن يشاء من عباده للملك والإمامة والخلافة، كما في إمامة