تأمّلوا في هذه الآيات المباركات من سورة الشعراء: (إذ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ إذ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إذ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوط الْمُرْسَلِينَ إذ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ)[261]. وهذه الآيات بمجموعها تؤكّد أنّ دعوة الأنبياء (عليهم السلام) تدور حول هذين المحورين: التقوى والطاعة. ولا يمكن أن تكون الطاعة غير الطاعة السياسية ; فإنّ هذه طاعة اُخرى غير الطاعة السياسية، ترتبط بمحور التقوى، وهو المحور الأوّل من هذين المحورين. إذن، فالطاعة السياسية عنصر مقوّم وأساسي في بناء الاُمّة، وتعدّد الطاعة ـ في الحقيقة ـ ضرب من التمرّد والخروج على الولاية والسيادة في الاُمّة، وهو شيء في مقابل الطاعة، وضد الطاعة. والآيات الكريمة بمجموعها تؤكّد أنّ الاُمّة الواحدة تتحقّق ـ بعد وحدة العقيدة ـ بوحدة الطاعة ووحدة النظام، وهذان هما العنصران المقوّمان للاُمّة: (العقيدة) و (النظام السياسي). وتعدّد الطاعة بمعنى تعدّد النظام السياسي، وهو بمعنى انشطار الاُمّة وتعدّدها، وليس لانشطار الاُمّة وتعدّدها معنى آخر غير هذا المعنى ; فإنّ الانتماء إلى عقيدة اُخرى غير التوحيد يخرج صاحبه من هذه الاُمّة إلى اُمّة الكفر، والقرآن يقول: إنّ