يقول الله تعالى: (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)[258]. وواضح لمن يتأمّل في هذه الآية أنّ الطاعة الثانية غير الطاعة الاُولى ; فالطاعة الاُولى هي الطاعة لله، والطاعة لله تخصّ الأحكام الثابتة التي نطق بها الكتاب أو السنّة كالصلاة والصوم وتفاصيلهما، والطاعة الثانية هي الطاعة للرسول ولأولياء الاُمور من بعده، وهي في الاُمور السياسية والإداريّة التي تقتضيها وتتطلّبها الضرورات السياسية والإدارية والاقتصادية وما يشبه ذلك، وهي المنطقة التي يصطلح عليها الشهيد الصدر (رحمه الله) بـ (منطقة الفراغ)، وهذه الطاعة غير الطاعة الاُولى التي تفرضها الآية الكريمة لله سبحانه. وقد ورد ذكر هاتين الطاعتين مع بعض في أكثر من آية في كتاب الله ; يقول تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)[259]. (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)[260]. التقوى والطاعة في سورة الشعراء وهذه الطاعة هي الأساس الثاني لدعوة الأنبياء بعد التقوى ; ففي سورة الشعراء يلخّص القرآن دعوة الأنبياء في كلمتين: التقوى والطاعة ; (تقوى الله) و (طاعة الأنبياء). والتقوى: هي الالتزام بحدود الله تعالى، والطاعة: هي طاعة الأنبياء واُولي الأمر في الاُمور السياسية والإدارية، وفي كل شأن يتّصل بالولاية والسيادة السياسية بشكل من الأشكال.