ليكوننّ أهون على الله من الجعْلان التي تدفع بأنفها النتن»[255]. وبالتأمّل فيما ذكرناه من الآيات والروايات ـ وهو غيض من فيض ـ نصل إلى نتيجة قطعية لا نشكّ فيها، وهي: إنّ الإسلام يرفض التفريق والتفاصيل فيما بين الناس، ويعمل دائماً لإزالة الفواصل والحدود الطبقية والقوميّة والإقليمية، ويجعل الناس اُمّة واحدة على الصراط المستقيم إلى الله. ومع وضوح هذا الاتجاه في دين الله، كيف يمكن أن يقرّ الإسلام التعدّدية في النظام السياسي والسيادة والدولة والولاية في الاُمّة الواحدة ؟! ونحن إذا راجعنا التاريخ الإسلامي، نجد أنّ التعدّدية في النظام السياسي والولاية والسيادة هي من أكثر أسباب الاختلاف والصراع والتقاطع فيما بين المسلمين. والمنافسة والصراع على السلطة من أكثر أسباب القتال والحروب في تاريخ الإسلام وتاريخ البشرية. والدين الذي يعتمد في اُسس تعاليمه: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)[256] و (تَعَالَوْاْ إلى كَلَمَة سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ)[257]، لا يمكن أن يقبل التعدّدية في السيادة والنظام السياسي. الاُمّة والطاعة ومما يؤكّد هذا المعنى ويعمّقه، اهتمام الإسلام الأكيد بأمر الطاعة لأولياء الاُمور، وهذه الطاعة غير الطاعة لله في الأحكام والتشريعات الثابتة التي ورد ذكرها في الكتاب والسنّة.