فلا يجوز أن نصرفها عن دلالتها التصديقية على الإرادة الجدّية للمتكلّم وبالتالي على الحكم الشرعي ; وذلك لعدم وجود قرينة واضحة على ذلك، والكلام واضح في بيان حكم شرعي محدّد، وليس من دليل على صرف الكلام عن هذه الدلالة. وبهذا الشرح يتم الاستدلال بسيرة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفّين على وحدة الإمامة والولاية السياسية للعالم الإسلامي، ووجوب دخول عامة المسلمين في الطاعة إذا تمّت البيعة لإمام المسلمين من قِبل جمع من المسلمين من أهل الحلّ والعقد يُعبأ بهم من حيث الكيف والكم. ولسنا بحاجة إلى توضيح عدم وجود خصوصية للمهاجرين والأنصار في إلزام البيعة، وإنّما الملاك ـ بعد إلغاء هذه الخصوصية ـ هو أن تتمّ البيعة من قِبل جمع يعتدّ به من أهل الحلّ والعقد. الدليل الثالث: وحدة الأمّة يشير القرآن الكريم إلى وحدة الاُمّة المسلمة في التاريخ وعلى وجه الأرض في موضعين: الأوّل: في سورة الأنبياء، وهو قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[242]. والثاني: في سورة «المؤمنون»، يقول تعالى فيها: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)[243]. والوحدة من أهم اُسس (الدعوة) و (السياسة) في القرآن. أمّا عن الدعوة، فإنّ الله تعالى أرسل رسولاً للناس جميعاً من دون استثناء.