لماذا يطلب منهم الإمام (عليه السلام) أن يدخلوا في الطاعة ؟ إنّ جواب الإمام واضح ; فقد بايعه المهاجرون والأنصار في المدينة، وبيعتهم مُلزمة لعامة المسلمين، فعليهم أن يدخلوا فيما دخل فيه عامة المسلمين. وهذا الخطاب موجود بالنصّ في كتاب كتبه الإمام (عليه السلام) إلى معاوية ; يرويه الشريف الرضي في نهج البلاغة: «إنّه بايعني القوم الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه ;فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرُدّ، وإنّما الشورى للمهاجرين والأنصار ; فإن اجتمعوا على رجل وسمَّوه إماماً كان ذلك لله رضىً، فإن خرج عن أمرهم خارجٌ بطعن أو بدعة رَدّوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتَلوه على اتّباعه غير سبيل المؤمنين، وولاّه الله ما تولّى»[241]. ولسنا نريد أن نناقش هنا رأي معاوية وخطابه لأهل الشام في مطالبة الإمام (عليه السلام)بدم عثمان، ولا نريد أن نتحدّث عن جواب الإمام (عليه السلام) لمعاوية في هذه التهمة التي رفعها معاوية بوجه الإمام (عليه السلام). ولكنّنا نريد أن نقول: لا يمكن أن يجهّز الإمام الجند لقتال معاوية وأهل الشام دون أن يبيّن لهم ما يريد منهم، ودون أن يوضّح لهم السبب في ذلك. والتشكيك في دلالة هذا الخطاب على وجوب الطاعة على عامّة المسلمين إذا تمّت البيعة للإمام من قِبل جمع يُعبأ به من أهل الحلّ والعقد... بأنّ هذا الخطاب من قبيل الإلزام الجدلي بما كان أهل الشام يلتزمون به يومئذ، وليس في هذا الخطاب دليل على الحكم الشرعي. أقول: قد ناقشنا قريباً هذا التشكيك، وقلنا: إنّ ذلك وارد في الفقرة الاُولى من الخطاب، وهو الدعوة إلى الدخول في الطاعة، وأمّا في الفقرة الثانية من الخطاب