صرفنا الكلام عن الدلالة على الإرادة الجدّية للمتكلّم فيما يكون الكلام ظاهراً أو نصّاً فيه ; وإلاّ لم يمكن الاحتجاج برواية إلاّ في موارد قليلة جداً، وإنّما نصرف الكلام عن الدلالة على الإرادة الجدّية للمتكلّم فيما إذا ثبت خلافه بقرينة أو دليل قطعي. وليس لدينا في النقطة الثانية من خطاب الإمام (عليه السلام) للناس يومئذ قرينة واضحة على صرف الكلام عن الدلالة على الإرادة الجدّية للمتكلّم ; كما في النقطة الاُولى. ومع هذا التوضيح تكون سيرة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفّين دليلاً على حكم فقهي ; وهو وحدة الإمام والولاية السياسية في العالم الإسلامي. هذا مجمل تفسير الخطاب الأوّل للإمام (عليه السلام) في صفّين. ب ـ تفسير الخطاب الثاني للإمام (عليه السلام) في صفين الخطاب الثاني للإمام (عليه السلام) في صفّين وجّهه إلى معاوية وأهل الشام ; فقد خرج الإمام من الكوفة إلى صفّين لقتال معاوية، فلابدّ أن يكون قد أتمّ عليهم الحجّة والبلاغة، ولابدّ أن يكون خطاب الإمام (عليه السلام)متضمّناً لنقطتين: ماذا يريد منهم الإمام (عليه السلام) ؟ ولماذا ؟ وهاتان النقطتان أهمّ ما في خطاب الإمام (عليه السلام) ولا يمكن أن يخلو منهما خطاب الإمام (عليه السلام). فليس من المعقول أن يخرج الإمام من الكوفة لقتال معاوية وجنده من أهل الشام دون أن يخبرهم بما يريد منهم، ودون أن يبيّن لهم السبب في ذلك ! وهما موجودان في نهج البلاغة، والتشكيك في رواية الشريف الرضي (رحمه الله)للنهج من حيث الإرسال لا يضرّ بما ذكرناه ; بدليل التوضيح المتقدم. ولنتجاوز النقطة الاُولى في خطاب الإمام (عليه السلام)، ونتحدّث عن النقطة الثانية: