هذين الخطابين واضحاً لهؤلاء واُولئك. وفيما يلي نقدّم تفسيراً لكلّ من خطابي الإمام (عليه السلام) إلى جنده وخصومه: أ ـ تفسير الخطاب الأوّل للإمام (عليه السلام) مآل خطاب الإمام (عليه السلام) إلى جنده وأهل الطاعة من أهل العراق والحجاز واليمن إلى نقطتين، ولكلّ منهما حكم يختلف عن الآخر: أوّلاً: دعوتهم إلى الطاعة لقتال معاوية بموجب البيعة التي تمّت منهم له (عليه السلام)في المدينة. ثانياً: أنّ البيعة التي تمّت له من قبل المهاجرين والأنصار في المدينة ـ وهم فئة صغيرة محدودة من حيث الكمّ من المسلمين ـ تلزم عامّة المسلمين بالطاعة ; من بايعه منهم ومن لم يبايعه. وإلاّ فكيف يطلب من أهل العراق والحجاز واليمن أن يطيعوه في الخروج إلى قتال معاوية، وأكثرهم لم يحضر البيعة يومئذ بالمدينة ؟! وكيف يطلب منهم قتال معاوية، وهم لم يبايعوه قطّ ؟! فلابدّ أن تكون البيعة ملزمة لعامة المسلمين في كلّ مكان ; مَن بايع منهم ومن لم يبايع، ومن ينكث هذه البيعة أو يخرج عن الطاعة يستحق القتال. ولابدّ أن يكون خطاب الإمام لجنده متضمّناً للنقطة الاُولى والثانية معاً، ولابدّ أن يكون الجند الذين خرجوا مع الإمام (عليه السلام) لقتال معاوية قد عرفوا من الإمام (عليه السلام) كلا النقطتين ; وإلاّ فإنّ خطاب الإمام (عليه السلام)يكون ناقصاً لا محالة. حجّية الظاهر والإرادة الجدّية في الخطابات والآن نبدأ بتفسير وتحليل كلّ من هاتين النقطتين، بعد مقدّمة قصيرة لابدّ منها،