الإجابة على التشكيك، وتفسير خطاب الإمام (عليه السلام) في صفّين كانت حرب صفّين أوسع الحروب نطاقاً، وأفدحها خسائراً في فترة حكم الإمام (عليه السلام). ولم يكن خصم الإمام في هذه الحرب (الناكثين) الذين نكثوا العهد ونقضوا البيعة كما في حرب الجمل، كما لم يكن خصم الإمام في هذه الحرب (المارقين) الذين مرقوا وخرجوا عن الطاعة كما في النهروان، وإنّما كان خصمه (القاسطين)، وهم لم يبايعوا من أوّل الأمر حتى ينكثوا البيعة، ولم يدخلوا الطاعة حتى يمرقوا عنها. هكذا كانت حرب صفّين. ولا يمكن أن يبدأ الإمام (عليه السلام) قتالاً بهذه السعة وبهذا الحجم، ومع خصوم لم تسبق منهم بيعة ولا طاعة له، دون أن يكون قد ألقى إليهم الحجّة كاملة، وبيّن لهم ولجنده الذين صحبوه إلى صفّين ما يريد منهم ومن خصومهم، ودون أن يكون قد خاطبهم في ذلك خطاباً واضحاً، سيّما إذا لاحظنا أنّ الإمام (عليه السلام) هو الذي سار إلى صفّين لقتالهم. أطراف خطاب الإمام (عليه السلام) في صفّين وفي صفّين طرفان لا محالة: الطرف الأوّل: جنده الذين صحبوه إلى صفّين، والذين طلب منهم الإمام (عليه السلام)النصرة لقتال معاوية. والطرف الثاني: معاوية وجنده من الشام، الذين كانوا يرفضوا الدخول في طاعة الإمام (عليه السلام). فلابدّ إذا أن يكون للإمام (عليه السلام) خطاب مع هؤلاء واُولئك، ولابدّ أن يكون كلّ من