وكانت عامة صدقة الرسول بالمدينة بساتين اليهودي مخيريق ... منضمّة إلى ذلك القسم ممّا أفاء الله على نبيّه من أرض بني النضير، الذي علمنا أنّ رسول الله خصّص غلّته للفقراء والمساكين. ينقل إلينا صاحب «السيرة النبوية»[1505] عن صحيح البخاري[1506] مبيّناً نظرة أبي بكر، ثم نظرة عمر، فيما ارتأته فاطمة من حقٍّ لها في فيء أبيها، فيقصّ علينا ذلك من خلال النزاع بين علي والعباس في «ميراث» الرسول. فبينا جماعة من الصحابة عند عمر، دخل عليه «يرفأ» مولاه يقول: هل لك في علي والعباس؟ قال: نعم. وأذن لهما ... فدخلا وسلّما. فلمّا جلسا، أقبل العباس على عمر يخاطبه: يا أمير المؤمنين، اقضِ بيني وبين هذا! يقول البخاري: وكانا يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من فيء بني النضير. لكنّ الناقل: أبا الفداء، لأمر ما لم يذكر هذه العبارة التي تبيّن أنّ فيء بني النضير هو الذي كان محور الاختصام ... فربّما سقطت سهواً! وربّما أغفلها المدوّنون!! وتمضي القصة ... يتكلّم عمر عن حديث «لا نُورِّث» الذي سمعه أبو بكر من الرسول، ثم يستشهد المختصمين، ومن حضر المجلس، أيعلمون هذا الحديث؟ فيشهد جمعهم أنّهم يعلمون. ويستمرّ عمر في كلامه عن فيء بني النضير، يقول: فإنّي أحدّثكم عن هذا الأمر: إنّ الله كان قد خصّ لرسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره، قال سبحانه: (مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ ... إلى قوله قَدِيرٌ)[1507].