ويعلن: وليس يظنّ بفاطمة رضي الله عنها أنّها اتّهمت الصدّيق فيما أخبرها به، كيف وقد وافقه على رواية هذا الحديث عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب ... وألحق بهم جماعة آخرين من صحابة الرسول. ولسنا أيضاً بمن يتّهم أبا بكر، وما ينبغي أن يكون موضع اتّهام فإن هو إلاَّ اختلاف النظرات. ويؤكّد هذا القول، في صحّة حديث: «لا نورث» الإمام ابن تيمية فيقول: والرواية عن هؤلاء ثابتة في الصحاح والمسانيد. ثم يأتينا بحجّة يجدها تؤيّد انتفاء وراثة رسول الله، وتعلّل حكمة الانتفاء، يقول: إنّ الله تعالى صان الأنبياء أن يورثوا دنيا، لئلاّ يكون ذلك شبهة لمن يقدح في نبوّتهم بأنّهم طلبوا الدنيا وورّثوها لورثتهم ... ثم إنّ من وَرَثَة النبي (صلى الله عليه وآله) أزواجه، ومنهم عائشة بنت أبي بكر، وقد حُرمت نصيبها بهذا الحديث النبوي ... ولو جرى أبو بكر مع ميله الفطري لأحبّ أن ترث ابنته[1502]. أمّا أبو الفداء[1503] فيقرّر: ولو تفرّد الصدّيق برواية ذلك الحديث، لوجب على جميع أهل الأرض قبول روايته، والانقياد له في ذلك. ويستمرّ المؤرّخ في مناقشة قصّة غضب الزهراء، فينتقل من كلامه عن الميراث إلى الكلام عن «الصدقة» فيضيف: وإنْ كان غضبها لأجل ما سألت الصدّيق إذ كانت هذه الأراضي «صدقة» لا «ميراثاً» أن يكون زوجها ينظر فيها، فقد اعتذر أبو بكر بما حاصله: أنّه لمّا كان هو خليفة رسول الله، فإنّه يرى أنّ فرضاً عليه أن يعمل بما كان يعمله رسول الله، ويلي ما كان يليه رسول الله، ولهذا قال: وإنّي والله لا أدع أمراً كان يصنعه فيه رسول الله إلاَّ صنعته. وهل من حرج على صاحب هذا التأريخ أن يتساءل ويجيب؟ أو هل من حرج