وذلك برهان على استمرارية بقاء «عيون» السهمان مهما تداولتها الأيدي وتوالت عليها العهود. * * * ويوشك مدلول ما أسلفناه أن يصل بنا إلى مبدأ اقتصادي عام، عامل مستحقّات الأفراد التي أفاءها الله عليهم من الأموال الثابتة، كالأراضي والضياع، بغير ما يعني مفهوم الملكية الشخصية الآن. فلم تعد هذه الملكية فردية خاصّةً ـ كمطلق معنى الخصوص والتفرّد ـ لصاحبها حقّ التصرّف فيها: غلّةً وأصلاً، على مشتهاه، إنّما حيل بين مُلاّك تلكم العيون أن تؤدّي تصرّفاتهم الأُحادية فيها وفق أهوائهم إلى تفتّت أصولها، ثم إلى اندثارها بعد حين. ومن ثم وجدنا ملكيتهم الخاصّة في هذه الأموال الثابتة قد قُيِّدت، وفُقدت صفة «الفردية» بمعناها الواسع، فإذا هي في هيئة أُخرى يمكن أن نسمّيها: ملكية «جماعية»، أو ملكية «اشتراك»، أو ملكية «انتفاع»، أو ملكية «شيوع» أو أيّما صورة لفظية أُخرى توافق طبيعتها، يمتنع بها التصرّف الفردي المطلق في الأُصول وإن لم يمتنع في الريوع[1498]. وعلى هذا النحو أيضاً كانت حال الصدقات، عيونها تستثمر ولا تستهلك، فيكون الإنفاق من غلاّتها على ما خُصِّصت، وتبقى أُسسها ثابتة لا يتناولها التوزيع. وقد اصطلح علماء مدرسة الخلفاء من محدّثين ومؤرّخين وفقهاء ولغوين وغيرهم على تسمية كلّ ما خلف رسول الله من ضياع وعقار بالصدقات; استناداً إلى