وكيفما كانت نوعية التقسيم، فما زادت ولا نقصت نسبة المقسوم مقارناً بالأساس. ثم كان على الوالي ـ كما سبق البيان ـ الإنفاق من السهم على مستحقّيه ما يكفيهم سنتهم، فإن فضل منه شيء حفظ الفضلة، وإن نقص عن حاجتهم أكمل لهم ما يغنيهم مما فضل عنهم في سوالف السنين. وعلى كثرة ما تدوولت فدك بين آل فاطمة من ناحية وبين الأمويين والعباسيين من ناحية أُخرى، فالثابت ـ تاريخاً ـ أنّها ظلّت موضع نزاع بين الفريقين على امتداد ما يقرب من مائتي عام[1496]، فلماذا بقيت كلّ هذه السنين الطوال؟ لأنّ تصرّف أولئك وهؤلاء فيها لم يكن يتناول ـ بطبيعة الحال ـ إلاَّ ما تخرج من غلاّت، فلو أنّهم تصرّفوا في «العين»، إذن لاستهلكت واندثرت ولم يعد لأصلها وجود. ولعلّ ممّا قد يضيف نقطةً على حرف في هذا المجال فيؤكّد الصرف من الريع مع الإبقاء على الأصل ما يمسّ، ما جاء على لسان الخليفة الأول في سهم ذي القربى، إذ سألته فاطمة إيّاه، فكان جوابه: سمعت رسول الله يقول: «سهم ذوي القربى لهم في حياتي، وليس له بعد موتي»[1497].