كتبه الأستاذ المرحوم، وخاتمة سلسلة أعماله النجيبة، والذي لم يمهله القدر في أن يرى طبعته وهي تخرج إلى النور كما يخبرنا به صاحب دار نشر الزهراء في مقدمة طبعته للكتاب، وأنّه ألحّ على طباعته وأوصى بذلك قبل أن يلفّه الموت بغياهبه! لكن السؤال المثير هنا: لماذا الإلحاح على طبع كتابه «فاطمة الزهراء»؟ لماذا «فاطمة» بالذات؟ من هي فاطمة الزهراء؟ ترى من هي فاطمة؟ حقّاً أقول: من هي الزهراء؟ إنّ أيّ حديث عن هذه السيّدة الطاهرة قد يخطئ الهدف، وينحرف إلى غير ما أُريد منه إذا لم نمسك بالخيط الأساسي في الموضوع منذ ابتداء الأمر. أعني بصراحة: أنّه إذا لم نعرف على وجه الدقّة الإسلام بكلّ جوانبه ومراحل تاريخه المثير، ونتأمّل كلّ حلقات فصوله، فلا يمكننا ـ والحال هذه ـ أن نعرف من هي فاطمة بصورة دقيقة. فالميزان متى انضبط أتى بقراءة صحيحة ورشيدة دون شكّ، ومتى ما اختلّ فيه شيء انعكس خلله بصورة واضحة على قراءته، فخرجت مشوّهة وبشكل مرعب على صفحته البيضاء. وهل رأيتم ميزاناً مختلاًّ ينطق حقّاً؟! إنّ الحقّ إذا عُرف، وتكشّفت ملامحه بوضوح، فسوف يُعرف أهله، وستتّضح بالتالي من تشمله المظلّة، وأين تميل كفّة الميزان. والمؤرّخون المتقدّمون تمثّلت أجوبتهم على سؤالنا في صورتين: هناك من قدّسها، وثمة من لم يفعل ذلك. والاثنان معاً ـ سواء كانوا عن قناعة أم لا ـ كانت أجوبتهما قد امتدّت عبر الأزمان والقارات. وأمّا المتأخّرون فلم يقدّموا شيئاً، بل كانت أجوبتهم لا تعدو أن تكون عمليات