وأخبرته أنّ زوجها وأُمّ أيمن شاهدان. فاكتفى الخليفة الشيخ بقولها ... ولم يزد على أن أجاب: ما كنت لتقولي على أبيك إلاَّ الحقّ. وأبو بكر رجل رقيق ليّن الكلام، ثم أضاف: قد أعطيتكها. ودعا بصحيفة من أدم، فكتب لها فيها بذلك، وخرجت راضية مرضية. فما أن خطت خطوات بعد بابه، حتّى لقيها عمر بن الخطاب، ومعها الكتاب ... فسألها ما كانت تفعل! فأخبرته فأخذ منها الصحيفة، وأسرع إلى صاحبه يحاوره: أنت أعطيت فاطمة فدك؟ ـ نعم. ـ وكتبت بها لها؟ ـ نعم. وقصّ عليه ما ذكرته من شهادة علي وأُمّ أيمن. قيل: فردّ عمر: إنّ علياً يجرّ إلى نفسه! أمّا أُمّ أيمن فإنّها امرأة! وأسرع فبصق في الكتاب! ثم خرقه ... ثم مزّقه ... فامحى أصله ومحتواه! * * * تلك حكاية تمخّضت عنها بعض الأخبار، عسير معرفة كيف تسلّلت إلى مجرى الأحداث ... كيف نُسبت إلى التاريخ، فذُكر أنّها من ولائده، إلاَّ أن تكون «نغلاً» أو ابنة غير شرعية لوهم أحد الإخباريين! فكلّ ما سبقها وما تلاها، ممّا سجّلته الصحاح، يكاد يلفظها مقدّمةً وقواماً ونتيجة. ومع ذلك، فدع عنك اتّهامها بأنّها وليدة افتعال، أو مرور نصّها الأصيل بمراحل مجهولة من الحذف أو الإضافة أو التعديل، أو أنّها زوِّفت بالمغالاة ... فهذه كلّها أحكام ظنّية، كما تخضع لاحتمال الوقوع قد تخضع أيضاً لاحتمال الانتفاء.