واحتار عامل المدينة، نهج نهج بني اسرائيل إذ أبلغهم نبيّهم موسى ـ بأمر ربّه ـ أن يذبحوا بقرةً فسألوه: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ). قال لهم نبي الله: (إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانُ بَيْنَ ذلِكَ). فعادوا يسألون ويجيب: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا). (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ ذَلُولٌ تُثِيرُ الاَْرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَ شِيَةَ فِيهَا). عندئذ أجابوه: (الاْنَ جَئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)[1376]. وكذلك كان موقف الوالي من أمير المؤمنين، بعث إاليه يسأله في شأن ولد فاطمة: على من أردّ منهم؟ فكأنّما شاء عمر بن عبدالعزيز أن يعيد إلى بال عامله قصّة بقرة بني إسرائيل، ويماثل ـ تقريعاً وملامةً ـ موقفه بموقف أُولئك اليهود الذين أعنتوا الكليم! أرسل إليه: ...لو أنّني كتبت إليك أن تذبح شاة، لكتبت إليّ: أجماء أم قرناء؟ ولو أنّني كتبت إليك أن تذبح بقرة، لسألتني: ما لونها؟ فإذا ورد عليك كتابي هذا، فاقسمها على ولد فاطمة من علي. وأطاع الوالي أمر عمر بن عبدالعزيز، قسّمها فيهم. فكانت ـ أيام عمر ـ فيهم[1377] ... ثم أخذها يزيد بن عبدالملك ... فلمّا سقطت الدولة الأموية ردّها عبدالله السفّاح[1378]. * * *