وتنبغي الإشارة هنا إلى رواية أُخرى عن موقف عمر بن عبدالعزيز، في جانب منها تساوق الرواية بعض تساوق، وفي جانب غيره تظهر على طرف نقيض. ويقدّم لها ناقلها برأي ارتآه، فيقول: « ...ولعلّنا[1379] نجمل ما وقر في أذهان المسلمين الثقات من أمر فدك بكلمة قالها عدل من أعظم العدول بعد ثمانين سنة أو نحوها، بعيداً من الخصومة، بعيداً من زمانها، بعيداً من الشبهة فيها، لأنّه قال كلمته وفدك في يديه ينزل عنها باختياره، لا يدعوه إلى ذلك داع غير وحي ضميره ... ذلك عمر بن عبدالعزيز». تذكر الرواية: يقول عمر في مستهلّ عهده بالخلافة: إنّ فدك كانت ممّا أفاء الله على رسوله، ولم يوجف المسلمون عليه بخيل لا ركاب ... فسألته فاطمة إيّاها فقال: «ما كان لك أن تسأليني، وما كان لي أن أعطيك!» فكان الرسول يضع ما يأتيه منها في أبناء السبيل ... ثم ولي أبو بكر فكان يفعل ذلك، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفّان، ثم علي بن أبي طالب ... كلّهم كانوا يضعونها حيث كان يضعها الرسول. وتمضي القصة: ... وولي معاوية فأقطعها مروان بن الحكم ...، يقول عمر بن عبدالعزيز: فوهبها مروان لأبي ولعبدالملك ... فصارت لي وللوليد وسليمان، فلمّا ولي الوليد سألته حصّته منها فوهبها لي، وسألت سليمان حصّته منها فوهبها لي، فاستجمعتها، فما كان لي من مال أحبّ إليَّ منها ... فاشهدوا أنّني قد رددتها إلى ما كانت عليه. كانت الرحلة طويلة تلك التي قطعتها فدك، على امتداد نحو قرن من عمر الخلافة الراشدية والأموية، حتّى آلت إلى عمر الثاني أو الراشد الخامس ـ بوصف أكثر المؤرخين ـ فردّها إلى ما كانت عليه. وقد تنقّلت «النخلة» خلال معظم هذه الفترة من يد من لا يملك إلى يد من