إلى هؤلاء، بحسب تقلّبات السياسة من مدٍّ إلى جزر، ومن جزر إلى مدّ، هدأ البحر أو هاجت الأنواء ... أوبحسب نظرة هذا، أو هوى ذاك من الخلفاء. وظلّت هكذا دواليك، قرابة مائتي عام، كأنّها كرة تقاذفتها الصوالج من يسار ليمين، ومن يمين ليسار، من خلف لقدّام، ومن أمام لوراء. * * * عمر بن عبدالعزيز وفدك ولا مجال هنا لغير الإيجاز ... فالحصر نافلة، وفي التمثيل غناء. تحدّثنا الأخبار: عالج عمر بن عبدالعزيز الخليفة الأموي قضية «فدك»، فأصّل ملكيّتها لرسول الله، أخذاً بالآية الشريفة: (وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلاَ رِكَاب وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ)[1375]. وانثنى من هذا إلى حقّ فاطمة المتفرّد فيها، ثم حقّ ولدها الأطهار من بعدها، فقال: «كانت فدك للنبي، فكان ينفق منها، ويأكل، ويعود على فقراء بني هاشم، ويزوّج أيّمهم، و ...». وقال: «إنّ فدك كانت ممّا أفاء الله على رسوله، ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب». وكتب إلى وإليه على المدينة: أبي بكر عمرو بن حزام، يأمره بردّ «فدك» على ولد فاطمة، وتردّد الوالي: على أيّ ولد السيدة الزهراء يردّ هذه الأرض؟ فلقد تكاثر نسلها بالزواج على مرّ ما سلف من أجيال: منهم من تزوّج في آل الخطاب ... ومنهم من تزوّج في آل عقيل ... ومنهم من تزوّج في آل عثمان ... ومنهم من تزوّج في غيرهم من خيار الناس.