اللوحة الثانية أهواء الخلفاء على امتداد مائتي عام ما أن يتأمّل المرء هذه الرواية حتّى يطفر سؤال: كيف يهب الواهب ثم تخفى هبته عن الموهوب؟ احتمال محال ... فلو صدقت القصة على هذا الوضع لناقضت المقبول، ولخالفت المتداول المشهور. أم لا، ففيم إذاً كان النزاع على «فدك» النحلة؟ وأين باعث كان يدعو إلى الخوض في أمرها بكلّ هذا الجدل المستطير الذي ثار؟ وما هو الموجب لاحتشاد ذلك الذخر الضخم من آراء جهابذة الفكر الإسلامي، ذوي الباع الواسع في علوم المنطق والفقه والتفسير والحديث الذين تناولوها، وما زالت آثارهم الفكرية عنها تعيها لنا إلى اليوم جلائل الأسفار؟ ولماذا نرى فاطمة تطلب حقّها «الفدكي»، فلا تكفّ عن الطلب حتّى الغضب، وقطع ما بينها وبين الخليفة الشيخ من صلات؟ وهلاّ نعجب لولدها من بعدها، يواصلون الطلب والإلحاف فيه على امتداد ما يقرب من مائتي عام؟ * * *