ولا أقول إذا لم يعطيا فدكاً *** بنت النبي ولا ميراثه: كفرا الله يعلم ماذا يأتيان به *** يوم القيامة من عذر إذا اعتذرا[1367]! إنّما الأولى في هذا المقام أن يقال: رأي ارتآه!! أو يقال: تحرّج وتأثّم ـ وهو لم يكن يعلم بالنحلة ـ فحسم شكّه بما حسب أنّه يقين!! أو يقال: كان اختلافه وفاطمة اختلاف تفسير!! أو يقال: خشي الفتنة فسدّ الطريق دون أهل النفاق ودُعاة التفريق أن يقول قائلهم: خليفة رسول الله حابى بنت رسول الله!! نعم ... له أن يرتأي ما شاء، وأن يتحرّج ويتّقي كيف شاء، وأن يفسّر كما شاء. لكن ترتيب حكمه بالمنع على انتفاء علمه ـ فرضياً ـ بالنحلة، لابدّ أن يقابله ـ فرضياً أيضاً ـ من الناحية المعارضة، وجوب إسقاط هدا الحكم; لقيامه على أساس ثقته اللامحدودة بأنّ الرسول ما كان ليخفي عنه خبر «النِحلة» وإن أخفاه عن جماعة المسلمين. * * * والواقع أنّ النظرة إلى «فدك» قد انشطرت شطرين، فإذا هي رأيان، تماماً كانشطار الحيوان الاميبي الأُحادي الخليّة فإذا هو حيوانان مستقلاّن، لكلٍّ منهما كيان. وإذا كان أبو بكر قد احتجّ لرأيه بحديث ببويٍّ، فعمّا قليل سيرد الاحتجاح، وما قد يثار عنه بحسب اختلاف النظر فيه. أمّا حكمه ذاك بقبض النحلة، وردّها إلى مال المسلمين، فحريّ به أن يُرى من وجه آخر، وإنّه لتصوري ظنّي، قصارى سنده: لترجيح ... أنّه أو من قبيل الاجتهاد. فكما أنّه لا منع إلاَّ بنصّ، فإنّه لا حكم إلاَّ بسند وثيق. وليس عجيباً أن يتبدّى ما قضى به أبو بكر في هذا القضية، وكأنّه حكمٌ استقطب