فليس هذا على الله بعزيز، ولا هو ممّا يخالف منطق العلم اليوم، وما دلّنا عليه من تحوّل المادة إلى طاقة، والطاقة إلى مادة، وانتقال المسموعات والمرئيات عبر الأثير فيما لا يكاد يذكر من وقت لو أنّنا قسنا الحركة بما درجنا عليه من مقاييس. فهل هو محال أن يشهد الرسول المسموع، ويسمع المشهود، وكأنّما أُوتي العلم بلُغة الصخر ولسانه الطرق، وبلُغة الضوء ولسانه البرق، وقد أُوتي نبي الله سليمان قبله المعرفة بلُغة الطير والنمل، والقدرة على مخاطبة الجنّ ورؤيتهم وإنّهم لعالم من الخلق لا مسموع ولا منظور؟ لا محال! فعلى غير ما تقضي به النواميس الكونية تحرّك الضوء والصوت، وبغير أجهزة الحسّ البشري استقبل المرائي والمحكيات وهي تأتي إليه من خلف المستقبل، ومن وراء المسافات. بغير لمح الإبصار بغير لفظ الإصغاء، كان يشهد ويسمع بالاستيحاء، بروحه يرى ما الله يرئيه، وبوجدانه يرهف لأداء السماء. * * * وكما كان برق الطرق يضيء موقع الخندق ومن حوله وفيه، ثم ينتشر ما بين لابثي المدينة ـ وهما حرتان من حجارة سود كأنّها حُرِّقت بالنار تكتنفان البلدة المخندقة ـ فقد كان بطبيعة الحال يضيء الحصون والآطام حيث اعتصمت الذراري والنساء. فالمرحلة غير طويلة، والأرض منبسطة المهاد، والفضاء ممدود، وليس ثمّة من حوائل تتكسّر عليها الأضواء، أو ترتدّ عنها الأصوات. ومن الطبيعي أن تكون الزهراء قد عاينت تلكم البروق[1274]، وصكّ أُذنيها دويّ