عندئذ يستشيط الأمير غضباً: وبك جرأة لجوابي، وفيك بقية للردّ عليّ! ثم يأمر زبانيته: اذهبوا به فاضربوا عنقه! فلا تكاد زينب تسمع قول الظلوم الغشوم، حتّى تصرخ فيه: «يا ابن زياد! حسبك من دمائنا!». وتسرع إلى عليّ تعتنقه، ثم تتعلّق به، ثم تدفع عنه زبانية البطش أن يأخذوه إلى النطع والسيف. وتتنمّر ملامحها وهي تصرخ في وجه الأمير، تتحدّاه: «والله لا أفارقه! فإن قتلته فاقتلني معه!». ويذهل ابن زياد أن يراها قد جعلت نفسها درعاً تقي الغلام، لكنّه لا يلبث أن يركن إلى الهدوء. وما عليه لو ترك الفتى لدائه، وإنّه ليرى في محيّاه الباهت الهضيم ما يكاد ينبئه أنّه إلى الهلاك المحقّق، إن لم يكن اليوم ففي غد أو بعده بساعات. ويقول الأمير لجنوده: دعوه لما به! فلقد ظنّه في الهالكين، لكنّ الله يخلف ظنّ الخاسر، فيشفى زين العابدين، ويعيش حتّى يناهز الستين منقوصة ثلاثة أعوام، وينسل ذرّية الرسول: أئمة الهدى الأعلام.