فلاكَ منها مضغةً، فلم يسغها، فلفظها ... وأمّا بعضهم فلاكَ وأساغ. وعلى الأثر صاح بهم الرسول: «أمسكوا!». فرفعوا أيديهم عن الطعام، وأمر عليه الصلاة والسلام فجيء له باليهودية: صاحبة الهدية. قال لها: «هل سممت؟». قالت، وقد حملتها البغتة والبجح والزهو الآثم على أن تجيب بغير مبالاة: من أخبرك هذا؟ قال ولا تزال في يده الساق: «هذا العظم!». أجابت: نعم. فسألها: «ما حملك على ذلك؟». قالت: إنّك بلغت من قومي ما لم يَخْفَ عليك، فأردت لأقتلك! وقلت في نفسي إن كنت نبيّاً فستُخبَر، وإن لم تكن استرحنا منك! قال: «ما كان الله ليسلّطك عليَّ»[1261]. واحتجم اتّقاء مضرّة السمّ، واحتجم الذين شاركوه الطعام. قيل: فلمّا سُئل في أمر المرأة: ألا تقتلها يا رسول الله؟ قال: «لا!». عفا عنها ولم ينلها بسوء ... فأسلمها عفوه الكريم للإسلام. * * * وأكثرت يهود في كيدها للرسول. فلا كانت صخرة «عمروبن جحاش» في بني النضير أولى الغدرات، ولا كانت شاة «زينب بنت الحارث» في خيبر آخر الغدرات، بل ظلّ إخوان القردة والخنازير،