وظهره لهم، واطمئنانه إليهم يغنيه عن الحذر الذي يجنّبه الغوائل والأخطار. وما ذلك على خُلقهم بغريب. وهل يعييهم أن يعيدوا قصّة بغيِّهم «سالومي» إلى الوجود؟ كلاّ، لن يعدموا أن يجنّدوا لغدرهم امرأةً منهم تكيد كيدها النسوي للرسول، فتقضي عليه، وربما أتتهم برأسه في طبق من ذهب، كما أتتهم منذ مئات عديدة من السنين «سالومي» تلك برأس نبيّهم: يحيى بن زكريا، عميد المسيح[1259]! فسرعان ما انجاب الستار عن مسرح الحياة، ليقدّم حدثاً مأساوياً جديداً يهمّ أن يتلبّس بذلك الحدث القديم. ما مرّت ثلاث سنوات أو أربع على غدرة «عمروبن جحاش بن كعب» في بني النضير، حتّى أقبلت غدرة امرأة «سلام بن مِشْكم» لكي تحقّق ما رجت يهود. كان الزمان سنة سبع ... وكان المكان خيبر. قيل: فلمّا فتح الله على رسوله تلك الأرض، جاءته زينب بنت الحارث زوجة سلام بشاة مصلية[1260]، فوضعتها بين يديه. فسألها: «ما هذه؟». قالت: هدية. كانت تعلم أنّه يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة ... وكانت قد سمّت الشاة، ثم أرادت أن تستوثق لكيدها أن يؤتي ثمرته الخبيثة المهكلة، فسألت بعض أصحابه: أيّ عضو من الشاة أحبّ إليه؟ قالوا: الذراع. فأكثرت السمّ في الذراع. وتقبّل النبي هديتها، وجلس مع نفر من صحبه يأكلون ... أمّا هو فتناول الذراع