ذ «حزقّة! حزقّة! ... ترقَّهْ! ترق عين بقَّة!»[1230]. ويضحك الصغير ... ويحتضنه النبي، ويقبّله بكلّ الحنان. فربّما قيل: غلوّ في التدليل، وربّما قيل: افتآت على قدسية النبوة، وخدش لهيبة الرسول. لكنّ هذا الذي يقال، نقداً وتعليقاً، لا يعدو أن يكون قولاً جهولاً من قائل جهول! ذلك لأنّ أجهزة الحسّ الخمسة، من سمع وبصر ولمس وشمّ وذوق، هي أول ما ينشأ ويتكوّن في الطفل، ويمارس وظائفه الطبيعية، لا شعورياً وشعورياً، حيناً أفعالاً منعكسة تلقائية وحيناً واعية إرادية، يصاحب كلاًّ منها استجابة نفسية معيّنة، بل قد ثبت بالبحث العلمي والتجربة التطبيقية أنّ قدرات الحسّ تختلف نشأةً وظهوراً، في أغلبها، حتّى يولد الطفل، بينما انفعالاته النفسية تعتمل فيه وإنّه بعد لجنين في بطن أُمه لمّا يكتمل وليداً سويّاً. ومن المقطوع به أنَّ «الحنان» الذي تنبثق منه مداعبة الصغير وتدليله، هو في حقيقته مشاركة وجدانية تشعره برغبتنا فيه، وإقبالنا عليه، وحاجتنا إليه، وهو تعويض له عمّا ينتقصه منه قصور تكوينه، وهو إشباع لجوع قدراته الحسّية، يمكن القول بأنّه تدريب عملي لتنميتها لتبلغ غاية نضجها الحيوي الكامل. ولقد ورد في الآثار: «لاعب ابنك سبعاً، وأدّبه سبعاً، وصاحبه سبعاً، ثم اترك له حبله على الغارب»[1231].