وفتاه، فيمن دفعت الأرحام؟ وشبيهاً بما تلقّى به عليه صلوات الله أخاه تلقّاه، فكبَّر في أُذُنيه وأقام ... ومثلما دعا الأكبر «حسناً»، دعا الأصغر «حُسَيناً». ربّما تيّمناً باسم البكر، ربّما على سبيل الإتباع والمحاكاة، ربّما من قبيل التمليح والتدليل; وفاقاً لمنطق اللغة في مدلولات التصغير. ثم احتفل به في اليوم السابع كاحتفاله بالحسن من قبل: عقّ عنه بكبش، نفح القابلة بدينار، حلق رأسه، وتصدّق بوزن شعره فضّة. * * * وسعد بولديهما الأبوان الصغيران سعادةً أول مباعثها أن ستتجدّد فيهما مخايل الإنسان الأمثل أو الرسول الإنسان. أمّا الأب الكبير، فقد شغف بهما أيّ شغف، وولع أيّ ولوع، فحبّه طاقة من الحنان والإيثار، ليس بمثله تنبض قلوب الأناسي وغيرهم من الأحياء. إنّه جماع أحاسيس يعجز عن استشعار بعضها أيّ حبٍّ سخيٍّ معطاء، مشاعر حلوة الموارد، عذبّة المناهل، تتدفّق وتسيل فتملأ آفاق الأرض، وتفيض وتفور فتغمر طباق السماء. ولقد تراه وإنّه لا يطيق أن يبعد عنهما، أو يبعدا عنه ... فإن بَعُدا لأمر ما، فبالمرأى والصورة، وإن بَعُد فليس بالفكر ولا بالشعور. ولقد نراهما وإنّهما ليساكنان في قلبه خفوقه، ويعايشان في دمه دفوقه، في باله يخالطان خطرات أفكاره، وفي نفسه يسبحان على خلجات شعوره. حزنهما حزنه، فرحهما فرحه ... غضبهما غضبه، رضاهما رضاه. وحقّ أن يحظيا منه بهذه المكانة من حبّه العظيم الذي اختصّه ربّه بين العواطف الرفيعة بأسمى مقام ... فهما من بضعته الشريفة الحبيبة: الزهراء، التي يقول فيها عليه الصلاة والسلام: