وعندما أطبقت إليها في «أُحد» الفواجع، فجرح الرسول، ومُثِّل بعمّه «حمزة» أفظع تمثيل[1226]، وتهاوت طائفة من خيار المؤمنين صرعى عند سفح الجبل ... كان ربّها قد أسلف لها في علمه فرحةً سبقت الوقعة، لتصدّ عنها بعض هذا الغمّ النازل، فتخفّف من وقعة وإن لم تدفعه، وتلتوي به عن طريق شرّه المستطير وإن لم تطح به في الهواء كالهباء. تلك فرحة أُمّ بأوّل مولود ... فرحة عادل الله بها بين تجهّم العبوس وبشاشة الأسارير، وبين البسمات والدموع، بل ما لبثت المحبّة الربانية أن زادت الكيل، فضاعفت للزهراء سرورها ضعفين. فمرّة أُخرى جاءتها على يدي رحمة الله نعمة مهداة! بعد حول وأيام، جاءها أخ لصغيرها الذي كان، حينئذ يحاول أن يثبت قائماً على قدميه، أو يحرّكهما حركةً هيّنةً: خطوة هنا، وخطوة هناك. مع رجب الرابع، الذي طلع عليها وهي بالمدينة، جاءها ثاني سيديَّ شباب أهل الجنّة. فإذا الوليد وليدان، وإذا الفرحة فرحتان، وإذا هي تمسي وتصبح وإلى جانبيها نجمان نيِّران! أمّا رسول الله، فقد كان أسرع من شوقه التوّاق إلى الغلام الجديد، لحظةً لحظةً، كان ينتظر حضوره بشغف لهيف، كأنّما كانا على موعد للقاء محسوب. وكما خفّ بأحلى مشاعره إلى الأول، خفّ إلى هذا الثاني ليسبق إليه كلّ محبٍّ وحبيب، بعاطفته القدسية الفيّاضة، التي لا يتّسع لها غير قلبه الكبير. وأين نظيره في خلق الله؟ أين حبّ كحبّه؟ أين قلب كقلبه؟ ثم أين فتى كفتاه