اللوحة السابعة الحسن والحسين نجمان نيِّران كانت رحمة ربك أرفق بالزهراء من لين الأيام. فالأمن رحمة، والحكمة رحمة ... ولكن الصبر رحمة الرحمات. ولقد أُوتيت فاطمة من رضا الله ما احتوى كلّ رحمة ربانية، تشحذ الفكر، وتضيء الوجدان، وتعلو بمقامها في العالين فوق كلّ مقام. وإذا كانت ـ كما تبدّت في عين الدنيا ـ أليفة أسىً وشجن، وحليفة همِّ وألم، فإنّها ـ باللطف الإلهي ـ لم تكن دائماً لقىً بين يدي محن الأكدار، يتنقّل من غيض البسمة، إلى سخونة العين، إلى شرود البال ... ثم يكرّ عوداً على بدء ليخطو من جديد على طريق شجنها الطويل. فمن خلال سحائب الحزن المتراكم، وعتامة الرؤية: الحسّية أحياناً، النفسية أُخرى، كانت رحمة الرحمن تبعث بشعاعة بارقة، تضيء من حولها جوانب من أُفق الحياة المتجهّم[1223]، الذي سرحت ظلاله الداكنة على النور، وبدت شمسه كأنّما غاص نهارها كلّه في عتمة الكسوف. وعلى فترة من معاناتها المتّصلة على امتداد عمرها الدنيوي القصير، كانت تظهر لها لمحات مشرقة من الراحة والأمل والسكينة، تغسل نفسها بالبشر والفرح والابتهاج.