فرض عليه القرآن إلى المعاد. ويحسبها أن حنّت عليه في أُحد حنوّ أُمٍّ على ولدها الوحيد، حتّى لودّت لو عوّضته من قلبها ما نزفت جروحة من دماء. جاءها وما زال نقع المعركة يثور، فناولها سيفه، وهو يقول: «اغسلي عن هذا دمه يا بُنيّة، فوالله لقد صدقني في هذا اليوم»[1210]. وقدّم لها زوجها سيفه وقد انحنى من شدّة الطعان: «وهذا فاغسلي عنه دمه». ففعلت وإن لم يشغلها شيء عن مداواة الأب الجريح حتّى رقأت جراحاته، ومسحت يدها الآسية عليه بالعافية والشفاء. * * * وها هي صفيّة بنت عبدالمطلب جاءت لتنظر إلى أخيها «حمزة» الذي اخترمته حربة وحشي ... فما أن يعلم النبي حتّى يبعث إليها بابنها «الزبير» يردّها رحمةً بها أن ترى ما حلّ بالشهيد من مُثله: «ألقها فأرجعها، لا ترى ما بأخيها»[1211]. فلا يكاد ولدها يحدّثها، حتّى تنفض عن نفسها إحساسها بالفجيعة، وتقول بثبات: ولِمَ وقد بلغني أنّه قد مُثِّل بأخي، وذلك في الله؟ لأحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاء الله. ومضت، فنظرت إلى الشهيد العزيز، ثم صلّت عليه، واستغفرت له. * * * وشهدت عائشة أيضاً هذه المعركة بصحبة أُخريات. قيل: خرجت من السحر مخرج رسول الله إلى أُحد، تستطلع الخبر، تقول أم