اللوحة السادسة سيوف في الأيدي الناعمة وجاء «علي» بالماء، ومضت «فاطمة» تغسل عن أبيها الدم، ثم لا تبالي فتيلاً أن تشرق هي بدمعها الذي ينفرط على وجنتيها ويسيل. لكن مواضع الإصابة في النبيّ تظلّ حمراء ... فالجروح تنفث وتنزف، والدماء تكِفُ[1201] ولا تكفّ[1202]، والشحوب يقطر من محيّاه. فما السبيل؟ إنّ القلق ليطير بروعها فلا تكاد تمسكه، وإنّ نفسها لتتبدّد تبدّد الهباء في الهواء ... لكنّ الموقف لا يلبث أن يلهمها الصواب، على حين فجأة تسرع إلى قطعة من حصير فتحرقها، ثم تلصق رمادها بالجروح. وتسمع أباها يردّد بصوت واهن، وهو يستشرف السماء: «كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيّهم وهو يدعوهم إلى الله؟»[1203]. فإذا شفتاها تهمسان نفس الترديد: «كيف يفلح ...؟».