ربّما عابثتها الظنون. فماذا لو وقع لها الآن نفس ما وقع لأُختها، فلفظت بطنها الجنين الذي يضطرب بالحياة، قبل أن يستكمل شهورة الباقيات؟ ذاك كابوس مروّع يغوص بوعيها الأُمومي أعماق الخوف ... لكنّها استعاذت بالله، كلا، لا رَوْع! ثقتها في لطف ربّها هيّأتها للطمأنينة، للاستسلام راضية للمكتوب. ففي يد الله وحده الموت والحياة، إذا أراد سبحانه فلن يكون غير ما يريد ... وهي أحرى بأن تنتظر صابرةً كلمة القضاء. * * * رويداً رويداً أخذت الظنون السوداء تنقشع[1151] عن سماء الزهراء، قوة غامضة لم تكن تعرفها من قبل، كانت تقتحم قلبها المتوجّس[1152]، فلا تزال تتناوله بريشة التفاؤل والرجاء والسكينة فتطمس قلقه، وتضفي عليها اللون الوردي الذي تتمثّل في زهائه فرحة الاستبشار. إلى جوار دقّات قلبها كانت تسري دقّات جديدة هامسة، تعلن عن حركة الحياة في قلب ساكن حشاها الجديد. كلاّ، ما هي بدقّات ككلّ الدقّات! إنّها ترنيمة أمل، إنّها كشَدْو بلبل[1153] ترقص مشاعرها على موسيقاه! إنّها لأُنشودة من عذوبة ورقّة، نغماتها تعلو أحياناً فإذا هي تلاوة وترتيل، وتخفت أحياناً فإذا هي هينمة[1154] دعاء، وتهدأ أحياناً فإذا هي إيماء هامس، أبلغ بياناً من الجهر بجرسها