تقدّم «هبار» وفريقة يحاولون ليّ مسيرة الركب، والعودة به إلى مكة، لأنّ كرامة قريش ـ في شرعتهم الملتوية ـ قد خُرقت، إذ غادرت زينب بنت محمد بلدتهم، نهاراً جهاراً، على أعين الناس. ففي خروجها هكذا خدش لكبرياء أهل الشرك المستعزين بجبروتهم الموهوم، وفي سكوتهم عنها هوان لهم بين العرب، لاتفتأ تتحدّث به الألسنة العيّابة في المجامع وأندية السمار، وفي تخليتهم بينها وبين وجهتها عار عليهم، وأيّ عار! وتلك حجّة خاسرة في منطق المروءات ورجولة الرجال لدى من لهم مسكة من إدراك، أولياءً كانوا أو أعداء. لكنّنا، مع هذا، نسمع من ينقل إلينا[1147] أنّ أبا سفيان يبرّر فعلته تلك، فيقول لكنانة بن الربيع: خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانيةً، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا، وما دخل علينا يوم بدر من محمد، فيظنّ الناس أنّ ذلك عن ذلٍّ أصابنا، وعن ضعف منّا ووهن ... إنّك إذاً لم تصب يابن الربيع! فهل هو الذي أصاب؟ بل قد زاغ عن الصواب! وفيما فعله وشرذمته تلك إهدار لكلّ قيمة خلقية، ولكرامته هو قبل غيره من الناس. ذلك لأنّ العزّة في ذلك الموطن هي بحفظ الحرمات، وبالتعفّف عن الإيذاء لا بالإيذاء، ولأنّ ما وقع يومئذتحت عينه أو علمه زلّة، لا يحمد على مثلها أهل الصغار، فضلاً عن ذوي الأقدار. * * * تماماً أصاب زينب في ذلك اليوم ما أصاب قبلها الزهراء. بنذالة «هبار» وطغمته، صُدّت كبرى الأخوات النبويات عن الانطلاق، كما