الأثيرين، وتستمرّ فيهما حياته الظاهرية إلى يوم تذهب الأرض، وتنفطر السماء، وتأفل النجوم والشموس، وتنتهي دنيا الناس. فها هو الماء! وها هو الدعاء! وها هي القدرة المأمولة الحقيقة وحدها بتلبية أيّ نداء. فهل ثمة من هو أعلم من محمد بما يفعل، وأصدق فيما يقول، وأدنى إلى تحقيق ما يأمل، وأولى بأن يدرك ـ بشفّافية نفسه ـ أنّ ربّه غير خاذله، بل قاض بلطف قضائه بأن يتفتّق لقاء الزوجين عن تحقيق أُمنيته فيهبهما السلف الصالح الكريم؟ وتعال فاشهده عليه الصلاة والسلام وهو يخرج بضراعته الراجية، وابتهاله الآمل من التلميح المومئ إلى الدعاء الصريح، انظره يرفع وجهه إلى السماء، وكيانه كلّه خشوع وسكينة كأنّه في صلاة، واسمعه يتّجه بكلّ أحاسيسه الصافية، وجوارحه المطمئنّة، إلى البارئ المبدع ـ نافخ الحياة في موات الصلصال، ومودع الأرواح الأشباح، يناجيه فتستغرقه المناجاة: «اللّهم إنّهما أحبّ الخلق إليَّ، فأحبّهما، وبارك في ذرّيتهما، واجعل عليهما منك حافظاً، وإنّي أُعيذهما وذرّيتهما من الشيطان الرجيم»[1120]. وسمع الله حقّ الابتهال، تجسّد بشراً سوياً مع انطلاقة الأيام فتعالى البارئ المصوّر، جلّت قدرة القدير، سبحان من له وحده الوفاء بالدعاء، ونعم بعد هذا خلف لسلف آثره ربّه على العالمين، وحباه وإيّاهم الرضوان.