وانتبه عليٌّ بعد لحظات من استغراقته تلك، على صوت حاضنه ومربّيه: «أين درعك الحُطَمِيّة[1084]؟». فأجاب: «هي عندي يا رسول الله». قال الرسول: «فأعطها إياها»[1085]. وأمره فباعها بثمن زهيد ... فما أرخصها، وما أغلاها أيضاً من صداق! ما أرخصها في ساحة البيع والشراء! وما أغلاها في ساحة الجهاد والفداء! وهل ثمّة شيء أثمن على امرئ ممّا يقيه الحتوف؟ أم ليست درعه ترمز إلى ما يحمي النفس من عدوة الهلاك؟ لكنّه هو لم يكن يبالي قطّ التقية في مواقع الصيال[1086]، فما درع تحميه، وما ترس[1087]تدرأ عنه، وما درقة[1088] تقية ضربات الأعداء ... هو الذي كان في ساحة الطعان يقي نفسه بنفسه، ليس فقط غائلة الموت بل غائلة العدوان، فصدره الترس، وكفّه الدرع، وذراعاه درقتاه ... تماماً كما يذود الليث عن عرينه وكيانه بالبرثن[1089] والمخلب والناب. وفي خيبر[1090] ـ بعد سنين ـ عندما بعثه رسول الله ليفتح حصونها التي استعصى