ولا يتكافآن : وسق سقط منهما قيم ومعنويات ، ووسق الآخر نشب[1077] من المادّيات. أمّا الأول فكنوز إيمان: نصاعة[1078] ضمير ... فطانة ذهن ... فصاحة لسان قوامها سطوة بيان ... جسارة قلب تهابها الأهوال. وأمّا الثاني: فمرقعة كالأسمال[1079]، تنكشف عند ذيلها المهلهل ركبتاه ... وجهد بدني يهدّ الجبال ... وسيف ما أكثر ما أثخن في جسد الشيطان ... ودرع يتّخذها دريئة[1080] حين تحتدم الوغى[1081]، ويتسعّر[1082] القتال، لعلّها أن تحميه شرّ عاد لئيم، أو طعنة نصل طائش وإن هو علم ـ يقيناً ـ ألاَّ منجاة من أمر الله إذا حمت لحظة القضاء. لكنّها مهربة المكتوب من قدر الله إلى قدر الله! بل كان لا يَني يدعو ربّه أن يفسح له في الأجل ليترّس بنفسه، قبل ترسه، عن دينه القويم، حتّى ترتفع راياته، وتكتمل آياته، ويصبح وقد كسا وجه الدنيا بنضرة الخير والسلام. فما زال الإسلام إلى اليوم كنقطة لامعة بين قتام[1083] الضباب، كخيط رفيع من النور يتراءى من وراء ركام الغمام وغياهب الظلام، كقوس الهلال الوليد! بل كم دعا ربّه أن يرزقه الشهادة ... فالشهادة مبتغاه. * * *