أساس من الحبّ والودّ والتراحم، وليس على قواعد من الفضّة والعسجد[1072] وفاخر الأثاث والرياش. لكأنّما شاءت قدرة ربّك لعبده الأولى ظلال فضله، الراجي مرجآت نعمه، أن يسهم ـ وهو معسر ـ بنزر[1073] من نصيبه المقدور المقتور، ليفسح في حياة كحياته، وربما أعتى ضنكاً[1074] وأبلغ شدّةً لغيره من إخوانه العانين والمحرومين. فخير الإحسان ـ كقول الرسول ـ إحسان معسر إلى معسر ... فلكلٍّ من نصيب كلّ نصيب; لتصلح الأحوال. حركة الحياة لابدّ أن تنطلق قُدماً إلى الأمام، نمو البشرية قضاء نافذ إلى أن تنشقّ الأرض، وتنسف الجبال، وتطمس النجوم، وتنفطر السماوات. وتفكّر الفتى مليّاً فيما سأله الرسول مراراً مراراً، خال السؤال يتردّد في مسمعيه أصواتاً مدوّيةً ورجع أصداء: «هل معك شيء أزوّجك به؟». «هل معك شيء ...؟». «هل ...؟». فماذا عنده هو لو أنّه أحصى «العنديات»؟ إنّ حظه منها معروف مكشوف، كمسافر في البرية كان يحمل كلّ متاعه في سفطين، على بعير، يمضي قاطعاً المسافات والمراحل في الزمهرير والحرور[1075]، يجتاز قرّة الليل كما يقتحم وَقْدة الهجير[1076]، فكلّ همّه بلوغ بقعة خضراء، ذات جنىً وظلٍّ ظليل، تلوح له من بعيد عند حافّة اللامرئي المجهول. وكان السفطان يتدلّيان، إلى يمين وشمال، ككفّتي ميزان، لكنّهما يتباينان