يظهر محمد وإبراهيم، ويكون الصراع سافراً بين من لهم الحقّ، ومن اغتصبوا هذا الحقّ. ويرسل محمد أخاه إبراهيم إلى البصرة لنشر دعوته وأخذ البيعة له، وقبلها توجّه الاثنان وأشياعهما إلى سجن المدينة، وأخرجا من لا يزال حيّاً فيه من آل البيت، كما قبضا على والي المنصور وحبساه. وقيل: إنّ المنصور حاول أن يقبض على إبراهيم وهو في طريقه إلى البصرة متخفّياً، لكنّه ـ أي المنصور ـ لم يوفَّق. وبالفعل وصل إبراهيم إلى البصرة «سرّاً في عشرة أنفس» كما يقول الذهبي[150]... ووجد الأشياع كثيرين، واستولى على دار الإمارة بعد أن هزم والي المنصور هناك، وقد شدّ من أزره ورحّب به فقهاء البصرة وغيرهم من ذوي الجاه والرأي هناك. وانضوت الزيدية والمعتزلة تحت لوائه بمعاونة الإمام أبي حنيفة، وراسله سرّاً. كما سبق أن ذكرنا فتوى الإمام مالك للنفس الزكية. وقد استطاع إبراهيم إدخال أهل واسط والأهواز وفارس في دعوته، وحصل منهم على اعتراف بمبايعة أخيه محمد النفس الزكية بالإمامة، بل إنّ الأخوين ـ قبل ذلك ـ أرسلا إلى الأمصار الإسلامية، ومنها مصر التي رحّبت بذلك. ويوالي محمد وإبراهيم انتصاراتهما. وبدت الصورة أنّ الخلافة العباسية أوشكت على زوالها. ولكنّ الأخبار تصل إلى إبراهيم بمقتل أخيه النفس الزكية في المدينة المنورة، وقبل عيد الفطر بثلاثة أيام في عام 145 الهجري. فقد أرسل المنصور إلى المدينة بجيش كبير، وحين وجد محمد النفس الزكية أنّه لا قِبَل له بجيش المنصور أشار عليه البعض أن يرحل إلى مصر; لأنّه سيجد فيها