«الحرّة» في عهد يزيد بن معاوية الأموي. ويتولّى مسلمة بن عقبة المرّي المدينة المنورة سنة 141 هـ ، ويعتلي المنبر يخطب في أهل المدينة مهدّداً إذا ساند أهلها محمداً النفس الزكية وأخاه إبراهيم، ويستخدم في خطبته ألفاظاً لاتختلف عن ألفاظ خطبة الحجّاج بن يوسف الثقفي في أهل الكوفة. لكن أهل المدينة لم يخافوا، بل أعلنوا الاستمرار في موقفهم، وتدفّق شعورهم حماسةً نحو آل البيت، فرجموا الوالي بالحصى، حتّى أنّه بعث للمنصور يشكو له ما حدث من أهل المدينة. وهنا تثور ثائرة المنصور، ويبعث بخطاب يتوعّد فيه أهل المدينة، ويقرأ الخطاب من فوق المنبر مسلمة بن عقبة المرّي، فكان نصيبه مثلما حدث له أثناء خطبته العنترية السابقة. لكن، ما العمل والمنصور يشدّد على واليه في طلب محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم؟ هنا يبدأ التنكيل الحقيقي بآل البيت من قبل العباسيّين، ويأتي مسلمة بن عقبة المرّي بعبدالله المحض، والد محمد وإبراهيم من سجنه، وكان المنصور قد حبسه بعد قيام ابنيه ومعارضتهما مبايعة العباسيّين، وهدّد مسلمة عبدالله بالويل والثبور وعظائم الأمور إن لم يأته بابنيه. ويزداد الاضطهاد والتنكيل، فيقبض مسلمة على إبراهيم القمر، والحسن المثلّث أخوي عبدالله المحض، وعمّي محمد وإبراهيم ومن يناصرهما في المدينة المنورة[146]. كلّ ذلك يحدث والأخوان مختفيان. وحين عرفا ما حلّ بأهلهما، بعث محمد ـ كما يقول اليعقوبي في تاريخه[147]