محمد وإبراهيم، كما حضره أبو العباس السفّاح، والمنصور، وغيرهم». ثم تغرب شمس الأمويّين. ولكنّ العباسيّين ها هم الذين يخلفون الأمويّين ويضربون بالاتّفاق عرض الحائط، ومن هنا يمتنع محمد النفس الزكية وأخوه إبراهيم عن مبايعة أبي العباس السفّاح، وحين حاول أخوه المنصور أن يأخذ له البيعة في الحجاز، يمتنع النفس الزكية عن البيعة; لأنّه أحقّ بها، ويمتنع أخوه تدعيماً له. وكان لابدّ من احتدام الصراع الذي وصل إلى حدّ استخدام السلاح، والقتل والصلب، واحتزاز الرؤوس! حين ولي المنصور الخلافة! كانت دعوة محمد النفس الزكية وإبراهيم قد جمعت حولها الأنصار والمشايعين، وصارت خطراً يهدّد الدولة العباسية، وهنا رأى المنصور أنّه لابدّ من التخلّص منهما، ولابدّ من الظفر بهما، مع إعمال كلّ الحيل، كما يقول الطبري في تاريخه الجزء التاسع[145]. بل إنّ المنصور العباسي أصدر تعليماته إلى واليه بالمدينة المنورة، أن يبذل كلّ ما في طاقته للقبض على الأخوين، لكنّ الوالي ـ في الواقع ـ تهاون في القبض عليهما، بل إنّه اتّصل سرّاً بمحمد النفس الزكية، وساعده على الهروب من المدينة المنورة، فسافر إلى عدن، ثم إلى السند، ثم إلى الكوفة، بعدها عاد إلى المدينة المنورة بعد أن جمع عدداً كبيراً من الأعوان والمشايعين. وهنا يقسو المنصور على واليه في المدينة، فيعزله، بل يأمر بتكبيله بالحديد، ويحبسه بعد أن يصادر أمواله، ويولّي مكانه خالد بن عبدالله القسري الذي اتُّهم أيضاً بالتهاون والتفريط في مصادرة النفس الزكية وأخيه إبراهيم، ثم يولّي المنصور على المدينة رباح بن عثمان بن حيّان، وهو عم مسلمة بن عقبة المرّي قائد معركة