أمّا الرأي الذي يقول: إنّ الرأس موجود في رباط مرو بخراسان هو منقوض من أساسه; لأنّ أبا مسلم الخراساني الذي قيل: إنّه نقل الرأس من دمشق، لمّا استولى عليها وبنى عليها الرباط بمرو، لم يكن أبو مسلم موجوداً بالشام وقت فتحها أيام العباسيّين، ثم إنّ العباسيّين لو ظفروا بالرأس لأظهروه للناس. وأقرب الآراء: أنّ الرأس وضع أول الأمر في خزائن السلام بدمشق، ثم دفن في عسقلان على البحر، وحين استولى الفرنجة على عسقلان تقدّم الصالح طلائع بن رزّيك وزير الفاطميّين بمصر، فدفع 30 ألف درهم، واستردّ الرأس الشريف، ونقله إلى مصر، حيث جاء الرأس في حراسة ثلّة من الجند، واستقبله الخليفة الفاطمي ـ كما يقول الإمام الشعراني[102] في طبقات الأولياء[103] ـ هو وعسكره حفاة من الصالحية، وقد وضع الرأس الشريف في كيس أخضر من الحرير، على كرسي آبنوس، وفرش تحته المسك والطيب، وبنى عليه القبّة المعروفة. والدليل على وجود الرأس الشريف ما ذكره عثمان مدوخ في كتابه «العدل الشاهد في تحقيق المشاهد» وقد ألّفه في القرن التاسع عشر، وقال فيه: «إنّ المرحوم عباس كتخدا الفزدوغلي لمّا أراد توسيع المسجد المجاور للمشهد الحسيني، قيل: إنّ هذا المشهد لم يثبت فيه دفن، فأراد تحقيق ذلك، فكشف المشهد الشريف بمحضر من الناس، ونزل فيه الأستاذ الجوهري الشافعي والأستاذ الشيخ