كتابيها «مخلّفات الرسول (صلى الله عليه وآله) في المشهد الحسيني» و«مساجد مصر». فعن القول بوجود الرأس في المدينة المنوّرة، هناك ما ينقصه الدليل المادي الذي ذكره المسعودي، وهو أنّه كان يوجد حتّى القرن الرابع الهجري شاهد مكتوب عليه العبارة الآتية: «الحمد لله مميت الأُمم ومحيي الأُمم، هذا قبر فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سيدة نساء العالمين، والحسن بن علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين بن علي، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد. رضوان الله عليهم أجمعين». فلو أنّ الرأس كان مدفوناً في البقيع لما أغفل ذكر اسم سيد الشهداء. وهذا النصّ منقول من كتاب «الإشراف والتنبيه» للمسعودي عن ابن كثير في «البداية والنهاية»[100]. أمّا قول غالبية الشيعة الإمامية «الاثني عشرية»، بأنّ الرأس مدفون مع الجسد في كربلاء، فهو لا تؤيّده مراجعة الحوادث، فمن المستبعد عقلاً أن يعيد يزيد بن معاوية الرأس إلى كربلاء، حتّى لا يزيد النار اشتعالاً، وهو يعلم بأنّها مركز الشيعة والمتشيّعين للإمام الحسين، والمؤيّدين لمذهبه. هذا بالإضافة إلى ما جاء في أحداث سنة 236 هـ ، من أنّ الخليفة المتوكّل أمر «النويريج» بالمسير إلى قبر الحسين وهدمه، فتناول النويريج مسحاةً وهدم أعلى قبر الحسين، وانتهى هو ومن معه إلى الحفر أو موضع اللحد، فلم يروا أثراً للرأس. ولا يمكن أن يتصوّر أحد أنّ الرأس قد بلي في ذلك الوقت المبكّر، إذا عرف أنّ أرض كربلاء رملية تحتفظ بالعظام مئات السنين[101].