بالقرافة الكبرى ومدينة مصر والكيمان والعسكر وأرض القطائع»[68]. فما بالك بما وجد بعد ذلك؟ جاء في كتاب تحفة الأحباب: «أنه لمّا قُتل الحسين بن علي بأرض كربلاء طيف برأسه وسير في البلاد، إلاّ بأرض مصر، فإنّ أهلها لم يمكّنوا حامليه من الدخول على تلك الحالة البشعة... ثم يقول: إنّ أهل مصر تلقّوا أهل البيت بمدينة الفرما ـ وهي أول مدينة من مدائن مصر ـ وحملوهم في الهوادج، وأوسعوا لهم في الكرامة، وأنزلوهم خير الأماكن بمصر وأووهم، وبنوا لموتاهم المشاهد واتّخذوها مزارات، وجعلوا لهم أرزاقاً من أموالهم تقوم بهم، فكان أهل البيت يقولون: يا أهل مصر! نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كلّ مصيبة فرجاً، ومن كلّ ضيق مخرجاً»[69]. وهناك اختلافات حول وجود بعض أصحاب الأضرحة بداخلها، فمن منكر ومن مثبت. وحجّة المنكر عدم وجود النصوص القاطعة والشواهد الدالّة على التنقّل والارتحال في بعض الأحيان، أو وجود نصوص متعارضة مع ماهو شائع معروف. ونحن في حديثنا هنا،ليس من هدفنا أن نكذّب أحداث التاريخ، ولكنّا نودّ أن نلقي الضوء على أصحاب هذه الأضرحة من السلالة الطيّبة الطاهرة، وننوّه إلى أنّ هناك مصادر كثيرة مفقودة، كما أنّ حركة التأليف في الفترة التي تقع بين منتصف القرنين الأول والثاني، لم تكن قد نضجت بعدُ، وهي الفترة التي شهدت الأحداث الدامية التي تعرّض لها أهل البيت. يضاف إلى ذلك حملة التشويه الكبرى التي دعا إليها الأمويّون; ليطمسوا بها آثار الهاشميّين وفضائلهم، ليحولوا بينهم وبين التعريف بهم حتّى لايلتفّ الناس حولهم ويظاهرون في نيل حقّهم.