ستظلّ مهوى القلوب ومحطّ الأنظار من عترة النبي الكريم على مرّ الزمان[66]. ولقد مرّ بمصر كثير من الأنبياء، منهم: إبراهيم، وموسى، وعيسى، وإدريس، ويوسف (عليهم السلام)، ونجت مصر من الفتن التي اشتعلت في غيرها من الحواضر والأقطار الأخرى، وليس يرجع ذلك في الحقيقة إلاّ إلى طبيعة أهلها الذين امتازوا «بالبساطة واليسر وعدم المبالغة، والصبر وقوّة العزيمة والهدوء». جاء في كتاب مصر العربية[67]: «وحدثت موقعة كربلاء التي استشهد فيها سبط الرسول (صلى الله عليه وآله) ومعه كثير من أهل بيته وولده، ولم يطمئنّ بهذه الأسرة الكريمة المقام بعد أن أدركوا الحقد الذي يتعقّبهم به خلفاء بني أمية وولاتهم... فأقبلت وفودهم إلى مصر، حيث وجدوا في رحابها الأمن والهدوء... وأُكرمت وفادتهم، وأفسحت لهم صدرها، ولاقتهم بما يليق بهم وبمجدهم الكريم، من حفاوة وتكريم، وبذلك أصبحت مصر داراً للأُسرة النبوية المجيدة التي بادلت مصر الحبّ والوفاء... وأصبحت مصر في نظر العالم الإسلامي منذ ذلك الوقت رمزاً للوفاء والتقدير، يتطلّع إليها المسلمون في شتّى الأقطار، وأصبحت بيوت الهاشميّين في مصر قبلةً يحجّ إليها المسلمون، وأضحت قبورهم من بعدهم مثار ذكرى ومهبط رحمة وكعبةً يقصدها الآلاف، يستعيدون فيها سيرة رسول الله الكريم، ويتبرّكون فيها بآثار عثرته الطاهرة الزكية. ولحكمة ما اختصّ الله مصر بهذه النعمة المباركة، فقد أكرمها الله بأوليائه الطاهرين وأصفيائه المقرّبين، حتّى إن شاء الله أن يُقبض بعيداً عن مصر، قيّض الله له من ينقل رأسه الشريف إليها». * * *