جمع من أصحابه طلب الماء، فقال معاوية بن خديج: لا سقاني الله إن سقيتك قطرةً أبداً! إنّكم منعتم عثمان شرب الماء، والله لأقتلنّك حتّى يسقيك الله من الحميم الغسّاق. فقال محمد بن أبي بكر: يا بن اليهودية النسّاجة، ليس ذلك إليك، إنّما ذلك إلى الله يسقي أولياءه، ويظمئ أعداءه أنت وأمثالك، أما والله لو كان سيفي بيدي لما بلغتم من هذا. فقال ابن خديج: أتدري ما أصنع بك؟ أدخلك جوف حمار ثم أُحرقك بالنار! فقال محمد بن أبي بكر: إن فعلت بي ذلك، فطالما فعلتم ذلك بأولياء الله تعالى، وإنّي لأرجو أن يجعلها عليك وعلى أوليائك: معاوية وعمرو ناراً تلظّى، كلّما أُطفئت زادها الله سعيراً. ثم قتله ابن خديج وألقاه في جيفة حمار ثم أحرقه بالنار، كما في الكامل لابن الأثير: ج3 ص180. وقد دُفن رأس محمد بن أبي بكر في المكان المعروف اليوم بـ (جامع محمد الصغير) بشارع الوداع بمصر القديمة، تزوره العامة وتقرأ الفاتحة. وقد جاء في وصف الجامع وصفاً دقيقاً في كتاب مساجد مصر للدكتورة سعاد ماهر، طُبع سنة 1393 هـ ، وإليك نصّ كلامها بطوله: يقع هذا المسجد في مصر القديمة، بشارع باب الودائع، قريباً من الباب عن يسرة السالك نحو الشرق إلى باب الوداع، وبجوار قبر منهدم يعرف بالكردي، ويعرف الجامع باسم (محمد الصغير) كما كان يعرف باسم (زمام)، وذلك أنّه بعد مضيّ مدّة من قتله أتى زمام مولى محمد بن أبي بكر إلى الموضع الذي دُفن فيه، وحفر، فلم يجد سوى الرأس، فأخذه ومضى به إلى المسجد المعروف اليوم بمسجد زمام، فدفنه فيه وبنى عليه المسجد. ويقال إنّ الرأس مدفون في القبلة، وبه سمِّي مسجد زمام. وقيل: لمّا شقّ بعضٌ أساس الدار التي كانت لمحمد بن أبي بكر وجد رمّة رأس