أصل إلى نتيجة تقضي على هذا الخلاف، لاسيّما ما هو واقع لبعض معاصرينا، فعبثاً حاولت، وما كنت لأملّ أو أشعر بالملل ولي شغف باستجلاء مثل هذه الآثار، فتماديت في أبحاثي طويلاً، فأسفرت لي هذه البحوث عن وجود حقائق غامضة لابد وأن يكون وراءها نتائج حسنة، وعزّزت ذلك بما ظهر لي من تضارب أقوال المؤرّخين واضطراباتهم الكثيرة، فكلّفت نفسي بعناء البحث، فصادفتني عقبات كثيرة، وكأنّي بدور الكتب المصرية الغاصّة بمئات الألوف من الكتب والأسفار لم يرق في نظري منها شيئاً، إذ ما أتطلبه منها مفقود. كلّ هذه العقبات لم تثنِ من عزمي شيئاً، فزاولت مهنتي التي كرّست حياتي من أجلها، فتصادف أن ابتاعني بعض الكتبيِّين مجموعةً من الكتب، فجلتُ بنظري في بعضها، فإذا بي أجد من بينها رسالةً صغيرة الحجم مخطوطةً، عنوانها: «الرسالة الزينبية لشمس الدين أبي الخير السخاوي المصري» وكنت أحسبها لأول وهلة رسالة السيوطي[649]، فإذا بي أرى اسم مؤلّف آخر، فتصفّحتها فإذا هي تفوق رسالة السيوطي; لتضمّنها ترجمة السيدة مع إثبات شرف فروعها، وأنّهم يحوزونه ويمتازون به كبقية طوائف الأشراف، فكأنّها زادت على رسالة السيوطي بإيراد شذرة من ترجمة السيدة على نهج مختصر، وقف فيها على استقرار السيدة في المدينة بعد تجهيزها من الشام عقب محنة أخيها الحسين، ولم يزد على ذلك، فهي وإن كانت جديرة بالعناية فليست بشيء، إذ ينقصها بحثي، فأهملتها. ثم بعد مرور فترة من الزمن كتبت إلى بعض أصدقائي بالشام، وهم من الذين اعتمد عليهم في حلّ مثل هذه المشاكل، فكتب إليّ يخبرني أنّ المؤرّخ «ابن طولون الدمشقي» له رسالة في ترجمة السيدة زينب، وأنّها محفوظة بخزانة بعض أصدقائه